في البداية، لم أكن أعرف الاسم الحقيقي لهذا الشعور.
كنت فقط أجلس في آخر الغرفة، أراقب الجميع يضحكون، يتكلمون بثقة، يلتقطون الصور وكأنهم وُلدوا من أجل الكاميرات،
وأشعر بشيء في داخلي..
شيء يقول لي بهدوء: أنت لا تُشبههم..
كنتُ أنجح،
لكنني لا أحتفل.
كنتُ أُحبّ،
لكنني أخاف أن لا أُحَبّ مثلما أُحبّ.
كنتُ أظهر في الحفلات،
في الصور، في الجلسات..
لكن في قلبي، زاويةٌ صغيرة كانت تُهمس دائمًا:
أنتَ لست كافيًا.
لماذا؟
ربما لأنني لم أُقَلّدهم جيدًا.
لم أكن الأكثر طرافة، ولا الأكثر وسامة،
لم أملك القصص الكثيرة، ولا القدرة على قول ما أشعر به بسهولة.
كنتُ “النسخة الهادئة” من كل شيء،
نسخة ناقصة من الحضور.
حين كنت أستيقظ صباحًا،
كنت أقول لنفسي:
اليوم سأكون مثلهم. سأتحدث أكثر، أضحك بصوت أعلى، أرتدي ما يحبّونه.
ثم أعود إلى البيت،
وأنا أشعر بالذنب..
لأنني فشلت مجددًا في أن أصبح شخصًا آخر.
مرات كثيرة، كنت أرى من حولي ينالون الحبّ دون أن يطلبوه،
والتقدير دون أن يلمّحوا إليه.
كنت أسأل نفسي سرّ ذلك،
وأعود بإجابة قاسية:
لأنك لست كافيًا. لا جذّابًا بما يكفي. لا ذكيًا بما يكفي. لا مهمًا بما يكفي.
هل تعرف هذا الشعور؟
أنك تضع قلبك في كفّك وتعطيه للناس،
لكن أحدًا لا يأخذه.
أنك تصرخ من الداخل “أنا هنا”،
لكن لا أحد يلتفت.
أنك تفعل ما بوسعك لتكون محبوبًا، مقبولًا، مرئيًا..
ثم تنام وأنت تشعر بأنك مجرد ظل.
لكنّ شيئًا غريبًا بدأ يحدث مع الوقت.
في منتصف كل هذا الشكّ،
في لحظات الانطفاء التام،
كنت أجد شخصًا صغيرًا بداخلي
يجلس على الأرض، يضمّ ركبتيه إلى صدره،
ويقول لي بصوت متعب،
لكن حقيقي:
أنا كافٍ.. لكنني منهك.
لم أكن ناقصًا.
أنا فقط لم أجد من يرى امتلائي.
لم أكن ضعيفًا.
أنا فقط كنت أواجه العالم وحدي، دون أن أشتكي.
لم أكن غير كافٍ.
لكنّني قستُ نفسي دومًا بمقاييس الآخرين،
ونسيت أنني ميزان مختلف.
الآن…
ما زالت الأيام تشككني أحيانًا،
ما زلتُ أرتبك في المرايا،
وأخاف من أن يُكشَف ضعفي.
لكنني كلما جلست مع نفسي طويلًا،
أهمس لها:
أعرفكِ.. وقد جربتِ كل شيء.. وما زلتِ واقفة. أظنّ أن هذا كافٍ، أكثر من كافٍ.
نور باشطح
نـــوح بدعم من WordPress